تمكين القيادات الدينية النسائية العربية في تعزيز التماسك الاجتماعي

6 نوفمبر 2018

بيروت في 6 نوفمبر 2018
كلمة خالد عبد الشافي


الضيوف الكرام
الزميلات والزملاء الأعزاء
صباح الخير

إنه لمن دواعي سروري أن أفتتح اليوم هذا الاجتماع الذي يضمّ خيرة الفاعلات والمفكرات والقيادات اللواتي يسعين جاهدات إلى تعزيز دور المؤسسات الدينية في تفعيل أجندة المرأة في منطقتنا العربي، خاصة في ظل ظروف سياسية وأمنية صعبة وعوائق تشتد وتتعقّد في بعض البلدان، وبعضها للأسف على حساب أجندة المرأة. ولكن طبعا دون أن ننسى الأخبار السارة التي تأتينا من حين إلى أخر عن مكاسب حقّقتها المرأة العربية، منها المساواة في الميراث وإقرار قانون العنف الأسري ونتائج إنتخابية مدعاة للتفاؤل، وهذا كلّه بفضل جهود أمثالكن.

أعلم أن المسار طويل ولكن أثق أننا على الطريق الصحيح.

وبإسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أود أن أعبّر عن الاحترام الذي نكنّه لكن ولما تمثلونه من قيم إنسانية عالمية وقضايا محقّة وأشكركن على تلبيتكن لدعوتنا للمشاركة في هذا الاجتماع الهام للبحث في الأُطر والقنوات والأدوات التي ممكن تطويرها أو تحسينها للدفع قضما في دور النساء في تعزيز التماسك الاجتماعي في منطقتنا العربية وأيضا للتباحث في ماهية هذه الأجندة المشتعبة أي تعزيز مكانة المرأة والتماسك الاجتماعي في آن.

وبصريح العبارة، نحن في البرنامج نعتبر أنه لا يمكن تحقيق أو حتى تحسين التماسك الاجتماعي إن لم نمكّن المرأة من أن تلعب دور أكبر وإن لم نسعى إلى إحقاق المساواة في النوع الاجتماعي، والاثنان مساران غير منفصلين لا بل مكمّلين برأينا.

وهنا أودّ أن أشدّد أيضا أننا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نولي المرأة مكانة خاصة ونعي أن النساء في المنطقة العربية ما زالت تعاني من تمييز ممنهج ولأسباب عديدة، تعرفونها جيدا، والنتيجة أننا للأسف نحصل على مراكز متدنية في كل المؤشرات التي تدلّل على مستوى المساواة بين المرأة والرجل، ولكن هذا لن يثنينا عن الاستمرار في تفعيل ما نراه مناسبا، وما نراه مناسبا نحدّده مع كافة شركائنا.

و مع تبني المجتمع الدولي أجندة التنمية المستدامة 2030 والتي تتعهّد بعدم ترك أحد ضمن مسار تنموي، نصرّ على أنه سيكون نحو الأفضل، نسعى بالتعاون مع شركاء عديدين إلى تطوير أطر قانونية ومؤسساتية تضمن التعددية والمواطنة الكاملة والمساواة للجميع قولا وفعلا. وهذه الأجندة، وبخلاف سابقاتها، لم تخصّص فقط الهدف الخامس للمساواة بين الجنسين، ولكن حضور المرأة يظهر في 54 مؤشر من أصل 242، هذا بالإضافة إلى تشديد الأجندة على السلم والأمان في ظل مؤسسات ومجتمعات تعددية تكفل المساواة للجميع بغض النظر عن الأثنية والطائفية والتحصيل العلمي والجنسية والوضع الاجتماعي، الخ. وهذا التشابك بين المستويات هو ما يكفل بأن تحاكي هذه الأجندة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل الأطر العالمية التي تدعو إلى المواطنة والمساواة الكاملة للجميع وهذا هو المدخل الأساس.

ونعتبر المؤسسات والقيادات الدينية من أهمّ شركائنا، ولذلك نسعى وجميع مؤسسات الأمم المتحدة من خلال ما يعرف ب "لجنة الأمم المتحدة للشؤون الدينية" أن نفعّل الشراكة مع هذه المؤسسات والقيادات مجتمعة كونها ركيزة أساسية من ركائز النسيج الاجتماعي لكل المجتمعات، ولا يختصر الأمر على مجتمعاتنا فقط، ولكننا نتميّز بخاصية علينا احترامها. ولذلك نعترف أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة في غياب شراكة فاعلة بين جميع الأطراف.

وفي الآونة ألأخيرة، لمسنا حضور أقوى للمرأة في المؤسسات الدينية وفي الدوائر الغير رسمية من العمل الديني وبكل مستوياته، وهذا يفتح المجال  لتعزيز أجندة المرأة من خلال قنوات وأطر جديدة خاصة في ظل سرديات أحادية ودراسات متسرّعة وإعلام غير مسؤول عن تطرّف ديني تعانيه مجتماعتنا، الأمر الذي نرفضه، ونسعى من خلال العديد من المبادرات إلى تطوير سرديات مغايرة والاسهام في الجهد البحثي والعمل مع الإعلام لتحسين تغطيتهم لمسائل ذات حساسية مجتمعية.

للحديث تتمّة طبعا، ولكن لن أطيل عليكن. نحن هنا لنسمعكن في اجتماع يسعدني أن يتعاون فيه مشروعين، مشروعنا الإقليمي لتعزيز مكانة المرأة – أي مشاركة – والمشروع الإقليمي لتعزيز التماسك الاجتماعي في البلدان العربية.

أتمنى لكن نقاشا ثريا مفعما بالأفكار الغير تقليدية.