الكلمة الافتتاحية للسيد مراد وهبة: الحوار الإقليمي حول عدالة النوع الاجتماعي والقانون

9 ديسمبر 2018

للمراجعة وفقا لمايتم إلقاءه فعليا
الحوار الإقليمي حول عدالة النوع الاجتماعي والقانون
10 ديسمبر/كانون الأول 2018 | بيروت، لبنان
الكلمة الافتتاحية للسيد مراد وهبة

رئيس مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية الإقليمية للدول العربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا
مدير المكتب الإقليمي للدول العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

 

أصحاب السعادة، الزميلات والزملاء، الشركاء الأعزاء،

أستهل كلمتي بتوجيه شكر واجب إلى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا - الإسكوا على ترحيبها بنا هنا في بيروت، لحضور هذا الحوار الهام حول عدالة النوع الاجتماعي والقانون. وأسمحوا لي أن أتقدم إليه بأطيب التهاني منير تابت على منصبه الجديد في الإسكوا بما أن هذه هي  المرة الأولى التي أقابله فيها منذتوليه منصبه الجديد. كما  أود أن أشكره على كلمته الكريمة للترحيب بكم جميعا.

كما أتوجه بالتحيّة إلى الهيئات الشريكة لنا في هذا العمل: الإسكوا وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، الذين تضافرت جهودهم مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أجل تعزيز قضية عدالة النوع الاجتماعي، وهي  قضية جوهرية وضرورية على مسار تقدم حقوق النساء والفتيات، ما يعني أنها ضرورية أيضًا لتقدم مجتمعاتنا ومنطقتنا ككل.

الزميلات والزملاء الأعزاء، نحن نجتمع اليوم إذ يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي يُحيي هذا العام الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وإننا في هذه القاعة نعي تمام الوعي أن ولاية كل من هيئاتنا الأممية تتسق بشكل كامل مع مبادئ حقوق الإنسان، التي نلتزم جميعًا بدعمها وتعزيزها من خلال دعمنا المشترك لتنفيذ أجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة.

وأنا أؤمن بإن أنجع السبل لتعزيز خطاب حقوق الإنسان ودفع العمل على تحقيقها في المنطقة هو النظر إلى الأمور من خلال عدسة كفالة حقوق النساء والفتيات. كما أننا نعرف أن تحقيق التقدم على مسار حقوق المرأة أمر لا غنى عنه لإنجاز وعود خطة 2030 للتنمية المستدامة، وأهدافها السبعة عشر — جميع الأهداف وليس الهدف الخامس فحسب، بل والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الخطة.

ومما يبعث على الثقة والأمل هو ما نراه من النساء في شتى أنحاء العالم، في جميع أنحاء المنطقة، اللتي أظهرن بوضوح أنهنّ قوة قادرة على إحداث تحولات كبيرة في المجتمع.

ففي شتى أنحاء العالم والمنطقة، نهضت النساء وهتفن بصوت مسموع أن "وقت المساواة قد حان." حان الوقت للاحترام  وللتكافؤ في الفرص في التمثيل. كما حان الوقت الآن أيضًا، لإنهاء العنف، ولوضع حد للتحرش، في البيت وفي الحياة العامة وفي الشوارع وفي أماكن العمل، بما في ذلك أماكن العمل الخاصة بنا، نحن أيضاً.

إننا جميعًا نضم صوتنا إلى النساء، بدءًا من الأمين العام للأمم المتحدة وحتى هيئاتنا المختلفة، في التأكيد على أن وقت المساواة قد حان. ولم يعد بإمكاننا يمكننا. حان وقت تعزيز دعمنا للنساء والفتيات، في برامجنا وفي عملياتنا الداخلية، وبالقطع في ثقافتنا وفي منهج تفكيرنا وتعاملاتنا وفي دعمنا لأصحاب المصلحة بالدول المختلفة في إحرازهم للتقدم على مسار أولوياتهم الإنمائية.

وكما قال الأمين العام في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة هذا العام: "ن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات من الأعمال غير المنجزة في عصرنا، وأعظم التحديات المطروحة في مجال حقوق الإنسان في عالمنا.".

ونحن نجتمع هنا اليوم وغدّا للوفاء بهذه المهمة تحديدًا، من خلال هذا الحوار المشترك ومتعدد الأطراف الذي يتناول أحد أهم القضايا على أجندة المساواة بين الجنسين، ألا وهي عدالة النوع الاجتماعي والقانون.

فنحن هنا لنتدبر قدرة القانون على المساعدة في كفالة حقوق النساء والفتيات، وفي دعم التنمية من أجل الجميع على قدم المساواة، ولنناقش كذلك إمكانية استخدام القانون في تحقيق النقيض من إعاقة تقدم النساء والفتيات، وتمكين وتشجيع من يُقدِمون على أذيتهن، وهو ما يمكن أن يحرم أ في نهاية المطاف كثر من نصف سكان منطقتنا من تحقيق كامل إمكاناتهن والحصول على حقوقهن.

مثل هذا التحليل الذي نشير إليه يساعدنا في بدء الحوار على أساس صلب من الوعي بالأطر القانونية الوطنية القائمة حاليًا. وهو يقر بأنه وعلى مدار السنوات الأخيرة انتبه المشرعون وصناع السياسات والمجتمع المدني بشكل غير مسبوق إلى حقوق المرأة. كما أن هذا التحليل يسلط الضوء على أننا كسرنا حاجز الصمت في الآونة الحالية وأصبحنا قادرين في الكثير من أنحاء المنطقة على الحديث بصراحة حول قضايا النوع الاجتماعي التي قلّما ناقشها المشرعون قبل عشر سنوات فقط. فلقد تحقق القدر الكبير من التقدم في الأطر القانونية في السنوات الأخيرة، وإنني ليشرفني ويسعدني أن أرى بيننا في القاعة هنا اليوم مدافعات ومدافعون عن الحقوق، وخبيرات وخبراء، ومشرعات ومشرعون، ساعدوا في تحقيق هذا التقدم.

كما أن التحليل يسلط الضوء على أنه ما زالت هناك تحديات كبرى فيما يخص عدالة النوع الاجتماعي ، بما يشمل ما يتعلق بالحماية من العنف وقانون الأسرة وقوانين العمل. ونحن نعرف أننا نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لصوغ أطر عمل أقوى إذ تواجه النساء تحديات متزايدة، لا سيما في ظروف النزاعات التي تشهدها العديد من بلداننا العربية. وتقدم مجموعة تقارير عدالة النوع الاجتماعي والقانون التي نطلقها اليوم إسهامًا هامًا في توثيق أهم القوانين التي تحتاج إلى تعديلات تدعمها في مختلف الدول.

سوف تخضع هذه القضايا للنقاش في جلسات اليوم والغد، من قِبل خبراء وممارسون وقضاة ومشرّعون، نساء ورجال يقودون حركة التغيير من أجل كفالة العدالة في شتّى أنحاء المنطقة. ونحن لا نتطلع ليكم كحلفاء لنا فحسب، بل أنتم شركاء لنا في الدفاع عن الحقوق، ومعًا ندعم أجندة هذا العصر وهذه المنطقة. فمن دون تحقق تقدم ملحوظ على مسار المساواة بين الجنسين خلال السنوات المقبلة؛ فلن تتحقق إمكانات التنمية في المنطقة.

ومن دواعي سروري أن هذا العمل كان ثمرة تعاون عدّة هيئات بالأمم المتحدة. فليس هناك مسار نحو السلم والرفاه أفضل من مسار تمكين النساء والفتيات. هذه القضية تجمعنا معًا. وتصبح فعاليتنا أكبر وأقوى عندما نقدم دعمنا بشكل منسق وفي إطار من التعاون، ونتاج عملنا المشترك الذي نقدمه اليوم هو مثال جليّ على هذا.

كما أود أن أعرب أيضًا عن كامل الامتنان لكافة الشركاء. فإذ نلتزم جميعا كهيئات أممية وممارسين وشركاء في تحقيق التنمية بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة، فإننا ملتزمون كذلك بدعم شركاؤنا الكثيرون من الأطراف الحكومية وغير الحكومية الذين يعملون معنا من أجل تعزيز تمكين النساء والفتيات.

ولكننا هنا في هذه القاعة اليوم وغداً لتسمع لكم أنكم أنتم، حضرات الحضور الكرام؛ فأنتم المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة، أنتم الخبيرات والخبراء، والمشرعات والمشرعون، والعاملات والعاملين بالمجتمع المدني والإعلام؛ أنتم من ستمضون قدمًا بهذه الأجندة، ومن ستضطلعون بالأعمال المطلوبة لإحداث التغيير بكل تركيز وإخلاص، بما لديكم من خبرات محلية لوضع الاستراتيجيات والخطط والسعي لبناء التحالفات والشراكات.

وأسمحوا لي بأن أكون واضحًا، أنتم كذلك من تقبلون بالمخاطرة. فلسبب ما، ما زال السعي لتحقيق المساواة بين الجنسين يعد مسار محفوف بالمخاطر والمقاومة، إذ يبدو أنه مسعى يستفز الرفض في قلوب وعقول الكثيرين.

وهنا أود أن أشير بكل الامتنان إلى الساعات الطويلة التي أنفقها القائمون على البحوث وأعمال جمع المعلومات التي استند إليها هذا العمل. إذ تعتمد الدراسة على تقارير التنمية الإنسانية العربية التي أنجزها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعلى الموارد الكثيرة التي أعدتها وطورتها الإسكوا وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاء مثل مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث. ويعد العمل الذي نقدمه معًا خطوة إضافية على ذات الطريق، للمساعدة في التعامل مع قضايا التنمية في المنطقة، وهي القضايا التي انشغلنا بها لسنوات طوال، على طريق عمل التحليلات اللازمة والمضي قدمًا بأعمال المناصرة وأنشطة البرامج المشتركة دعمًا للأولويات الوطنية لمختلف دول المنطقة.

وفي الختام، دعوني أؤكد لكم إننا هنا من أجلكم. نحن هنا معكم. إننا نؤمن بكم. وننضم إليكم في المطالبة بعالم أكثر إنصافًا وعدالة للنساء والفتيات، وأكثر إنصافًا وعدالة للجميع، من أجل منطقة تتحقق بها العدالة، ولا تتحقق للقلة فحسب. ومن أجل مجتمعات تسعى لتحقيق الصواب، ولدعم وتعزيز حقوق النساء والفتيات، وليثمر سعينا هذا مستقبلاً عادلاً، هو مستقبل من المساواة والإنصاف، ومن التنمية المستدامة للجميع، مستقبلٌ لا يتخلف عن ركبه النساء دون الرجال، مستقبلٌ لا يتخلف عن ركبه أي فرد.

بالنيابة عن مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية الإقليمية أتمنى لكم حوار ناجح، وأثق أن هذين اليومين سيكونا بداية لعملية ستقود إلى مزيد من التقدم والتغيير لصالح منطقتنا.

يمكنك الإطلاع على دراسة عدالة النوع الإجتماعي والقانون في المنطقة العربية