مساعدة وسام لإستعادة طفولته من خلال الدعم النفسي والاجتماعي

6 يوليو 2020

بمُساعدة مُعلّميه المُؤهلين، يتجاوب وسام بتفاعل مع مدرسية وزملائة في الفصل. | الصورة لـ: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن

لا يقتصر التأثير السلبي للحرب على الناس بالأذى الجسدي وحسب، ولكنه يذهب بعيداً إلى ترك صدمات نفسية شديدة بين أفراد المجتمعات المتضررة – وخاصة الأطفال والنساء.

ولا تختلف حرب اليمن الممتدة منذ بداية العام 2015 عن أي حرب ، ولكن إنعدام الرعاية النفسية والاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها أدى إلى تفاقم آثارها بين الفئات المتضررة في جميع أنحاء البلاد. ويُعد النازحون الذين هجّرتهم الحرب من بين الفئات الأكثر تضرراً.

فقد مرت محافظة أبين في جنوب اليمن بالعديد من النزاعات المسلحة، ومع ذلك لا يوجد بها أدنى أشكال الرعاية النفسية اللازمة لمساعدة المجتمعات المحلية على تخطي آثار تلك الحروب. بل ويكاد الناس يجهلون تماماً بوجود ومدى الحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من الحرب.

على الرغم من صغر سن وسام الذي يكاد يبلغ السابعة من العمر، إلا أنه مر بأوقات عصيبة للغاية جعلته في حالة مستمرة من الحزن والغضب. فقدْ فقدَ وسام والده عندما أصيب برصاصة في صدره بعد اندلاع الاشتباكات المسلحة في قريتهم. وسُرعان ما اضطروا للنزوح والفرار بحياتهم بسبب اشتداد الإشتباكات المسلحة. وبعد رحلة طويلة وشاقة، لجأ وسام ووالدته وشقيقه البالغ من العمر أربع سنوات إلى محافظة أبين.

بدأت المدرسة وانضم وسام إلى طلاب المرحلة الأولى بمدرسة الميثاق الابتدائية المجاورة لهم. لم يمُر وقتٌ طويل قبل أن يتم إحالته إلى الأستاذة ماريا صالح، أُستاذة مُتدرّبة على تقديم الإرشاد النفسي والاجتماعي في نفس المدرسة. قالت الأستاذة ماريا صالح: "قيل لي أن وسام كان دائم الوحدة. بل وكان عدوانياً للغاية وعادةً ما يُحضر معه السكاكين والعصي الحادة لمهاجمة الأطفال الآخرين في المدرسة". وأضافت "لقد أُسيء فهمهُ وعوقِب على عدوانيته من قبل المعلمين، ولم يكن يتحدث سوى إلى الأستاذة إيناس. وسرعان ما أدْركتُ بأنه لا يتصرف بشكل طبيعي".

تُعد الأُستاذة ماريا صالح واحدة من أكثر من 5,440 فرداً من أعضاء هيئة التدريس وأفراد المجتمع تم تدريبهم على تحديد ومساعدة الأشخاص المصابين بصدمات نفسية وتخفيف معاناتهم في إطار مشروع الحماية الاجتماعية (SPCRP) الممول من الاتحاد الأوروبي.

ويتم تنفيذ مشروع الحماية الإجتماعية من قبل الصندوق الإجتماعي للتنمية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وكان له أثر بشكل إيجابي على الآلاف من الأسر المتضررة مثل وسام وأسرته.

"عندما بدأت بالكلام معه، تحدث على الفور عن وفاة والده، والوقت الذي تلقو فيه الأخبار المحزنة وكيف فقدت والدته رُشدها، وبدأ يتذكر كم كان يحب والده، ومدى قربه منه، والأشياء التي اشتراها له". وواصلت الأستاذة ماريا الحديث "زرت والدة وسام في المنزل وفوجئت بأنهم يفتقرون إلى أبسط الاساسيات فقد نزحوا ولم يكن لديهم أي مصدر للدخل". "استغرَقْنا الكثير من الوقت والجهد لمساعدة وسام على الخروج من عزلته وعدوانيته وإقناعة بالتوقف عن إحضار الأدوات الحادة إلى المدرسة. وشيئاً فشيئاً بدأ يلعب مع الطلاب الآخرين".

قال الأستاذ محمد عمر، مدير المدرسة، "اشتمل التدريب المُقدم ضمن مشروع الحماية الاجتماعية العديد من المعلمين في مدرستنا بمن فيهم مدير المدرسة والمشرفين الاجتماعيين ليتمكنو من تحديد ومساعدة الطلاب المصابين بصدمات نفسية على العودة إلى المدرسة بشكل طبيعي".

"قام مشروع الحماية الاجتماعية بتدريب المعلمين على التواصل مع الطلاب المصابين بصدمات نفسية، ومساعدتهم على الشعور بالأمان، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، ومساعدتهم على التواصل مع أصدقائهم وإظهار المودة. كما تم تدريب المعلمين على استخدام طرق إبداعية في التدريس، وتحفيز الطلاب على التفكير، ومساعدتهم على اكتشاف مواهبهم، بالإضافة إلى استخدام سرد القصص والرسم والرحلات المدرسية لإشراك الطلاب بشكل فعّال" على حد قول الأستاذة ماريا.

بتلقيه العناية والاهتمام اللازمين من معلميه، تحسن سلوك وسام بشكل كبير واستعاد سعادته مرة أخرى فاصبح يشارك زملائه ومعلميه اللعب في المدرسة. لقد تعلم التعبير عن مشاعره ومشاركة الأشياء التي يحبها مع الآخرين. يقول وسام "أُحب مَدرستي وأُحب المُدرسين. أحب لعبة الكراسي والكرة أنا واصحابي".

وسام وزملاؤه يلعبون لُعبة الكراسي الموسيقية في ساحة المدرسة. الصورة لـ: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - اليمن


***

حول المشروع

يُموّل الإتحاد الأوربي مشروع الحماية الاجتماعية (SPCRP) في اليمن ويُنفّذه بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)  والصندوق الاجتماعي للتنمية (SFD). ويساهم مشروع الحماية الإجتماعية، الذي تبلغ تكلفته 28 مليون دولار أمريكي، في تعزيز القدرة الشرائية للمجتمعات الضعيفة مع استعادة البنية التحتية المجتمعية وتحسين الوصول إلى الخدمات الرئيسية وتقديمها من خلال توفير فرص عمل مؤقته، وتوفير معدات الطاقة الشمسية وإعادة تأهيل مرافق الرعاية الصحية، وبناء قدرات المجتمعات والسلطات المحلية.

.