الحياة في مقعد السائق

27 يونيو 2021

Zainab, 38, Baghdad.

قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبالشراكة مع الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط وبدعم من قبل الوكالة الامريكية للتنمية الدوليةبمسح ميداني مؤخراً لـ 2000 صاحب عمل ضمن المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم في العراق لفهم التحديات والفرص المتاحة بشكل أفضل ولتعزيز نمو المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم ايضاً.

كانت زينب من ضمن أصحاب الاعمال المشاركين والمشاركات في هذا المسح، والبالغ عمرها 38 عاماً، تدير زينب مشروعها المتناهي الصغر حيث كانت تعمل كسائق لنقل الاطفال من طلبة المدارس والمعلمين في بغداد.

إنطلاقاً من رغبتها بتوفير بداية لحياة أفضل لطفليها، لنستمع لما تقوله حول أهمية الإستطلاع والحاجة الى تشجيع المزيد من الأعمال التي تديرها النساء وشغفها بقيادة سيارتها.

ما الذي جعلكِ تبدأين مشروعكِ الخاص؟

الظروف المعيشية صعبة في العراق لذا أردت ان اساهم في كسب دخل مادي لمساعدة زوجي في تغطية الأعباء المادية بالتساوي كما كان علي مراعاة إحتياجات أطفالي وتكاليف التعليم والكهرباء والانترنت بالإضافة الى تكاليف الإيجار، حيث كان من المنطقي ان اساهم واعمل  ولهذا أخذت زمام المبادرة لبدء مشروعي الخاص.

لماذا قررتي البدء بمشروع قيادة السيارة؟

بعد أن تعلمتُ قيادة السيارة بدأت بنقل أطفالي واصدقائهم من والى المدرسة واستمتعت بها وأصبح الامر اكثر واكثر انتظاماً، لذلك فكرت اكثر وتساءلت: لماذا لا أكسب دخلاً من هذا العمل؟ حيث بدأتُ من ثلاث سنواتٍ مضت ولا ازال حتى اليوم بالرغم من تحديات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) خلال العام المنصرم.

لا ينظر الى قيادة السيارة كمهنة تقليدية للنساء، ماهي ردة فعل الناس عندما تخبرينهم عن عملك؟

واقعياً لا يعاملني الناس بشكل مختلف بل على العكس من ذلك، حيث إنهم يشعرون بأمان اكثر معي! في البداية بعض الامهات كن مترددات لأن هذا العمل يتطلب شخصاً قوياً وواثقاً من نفسه(لان قيادة السيارة في بغداد مرهقة جداً)، بالاضافة الى الالتزام والانضباط بالمواعيد لكن بعد ان بدأت مع عدد قليل من العائلات رغبت بعدها الكثير من الامهات بنقل اطفالهن من قِبلي. اقوم بالتركيز على توفير الرعاية اللازمة للأطفال، حيث كنت أصل قبل الموعد بنصف ساعة للتأكد من انني أصلُ مبكراً حتى لا يضطر الأطفال للإنتظار بمفردهم.

بجانب كونكِ إمرأة، ما الذي يجعل مشروعكِ مختلفاً عن خدمات النقل الاخرى في بغداد؟

الإلتزام هو سر نجاح أدائي في عملي حيث انني دائماً أصل قبل الوقت المحدد واتحمل مسؤوليات وظيفتي بشكل كامل وأتولى الامور بشكل جدي لان الأسر يأتمنوني على حياة اطفالهم بالاضافة الى طريقة اختياري لزبائني، حيث أنني لا اختار اي زبون وربما قد لا يكون لدي الكثير من الزبائن وإنما فقط اولئك الذين أثق بهم وأعتمد عليهم.

ماهو الجزء المجزي (الأكثر مكافأة) من مشروعكِ ؟

التطور الشخصي، حيث أنني مستقلة الان ولدي هويتي الخاصة ولا أضطر لطلب المساعدة من أي شخص لأنني أكسب دخلي المادي لدعم عائلتي الى جانب زوجي وكذلك اقوم بتأمين إحتياجات أطفالي والتي تعد الاكثر أهمية بالنسبة لي، انا لا اريد ان يفوتهم اي شي او ان يشعروا بقيمة أقل نتيجة عدم توفر الإحتياجات الأساسية. كل شيء اعمله هو لأطفالي.

لماذا شاركتي في المسح الميداني الذي تدعمة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية للمشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم؟

وددت المشاركة  لاعطي رأيي حيث ان إستطلاعات الرأي من هذا النوع والتي تمنح لنا الفرصة للتعبيرعن آرائنا نادرة، لذلك كان من المهم ان أغتنم الفرصة وكذلك اردت مساعدة النساء الأخريات مثلي واتمنى ان يستلهمن العبرة من تجربتي ويطورن مشاريعهن الخاصة.

لماذا تعتبر المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم مهمة للعراق وماهو الدور الذي تلعبه في المجتمع؟

الوضع في العراق صعب والوضع الإقتصادي تدهور بسرعه نتيجة جائحة فيروس كورونا ونحن الآن مجبرون على دفع ثمن كل شيء حتى الماء، لذلك نحتاج الى المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم لتقديم الخدمات على المستوى المحلي وكذلكلتعزيز الأستقلال المالي ومساعدة الأشخاص العاديين على كسب الدخل.

يحتاج الرجال والنساء الى التعاون اكثر من أي وقتٍ مضى، حيث ان الشيء المميز في انشاء الاعمال الصغيرة هو انها لا تميز بين الجنسين ويمكن للنساء أن تديرها بنجاح مثلما تدار من قبل الرجال.

ما الذي تستمتعين بعمله عندما لا تقومين بواجبات قيادة السيارة؟

ضحكت قليلاً ثم قالت: بجانب التنظيف وتأمين احتياجات اطفالي، فإن وجبة العشاء خارج المنزل مع عائلتي والأصدقاء هو اكثر ما استمتع به بعد يوم عمل شاق.

ماهي الوظيفة التي تحلمين بها رغم شغفك في مشروع قيادة السيارة؟

أحلم بالحصول على وظيفة إدارية وذلك لأن عملي علمني الكثير من المهارات التي يمكن نقلها لمكان آخر وكذلك لدي مهارات قيادية قوية حتي في وجود زوجي معي. انا دائماً ما أكمل اوراق العمل الرسمية والادارة المنزلية بشكل يومي والاهم من ذلك انني ملتزمة بشكل كبير.

ماهو الدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع العراقي؟ وماهي القيمة التي يمكن ان تضيفها؟

اليوم هو يوم المرأة، اصبحت المرأة الاب و الأم وخاصة بعد كل الحروب التي شهدها العراق، وتلعب النساء دوراً كبيراً. وأن نجاح وسعادة أي منزل تعتمد على المرأة فيه.

نبذة عن هذا المسح:

يمول هذا المسح من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية،المسح الميداني للمشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم ( الرسمية وغير الرسمية) مصمم لبناء صورة شاملة عن المشاريع المذكورة وعن هيكلية وحداثة ومتغيرات الأعمال والتحديات والفرص في العراق من خلال تحليل معلومات السوق بشكل موثوق. وسيفسح هذا المسح المجال أمام الحكومة العراقية واصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين بتصميم مبادرات مستنيرة تهدف الى دعم القطاع الخاص من خلال المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وخلق فرص العمل وسياسة النمو الشامل. ويعتبر هذا المسح جزء من برنامج مؤسسة التمويل والإصلاح الإقتصادي، المشروع الإتحادي التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.